ندى الأزهار ميلاد الأمل من رحم المعاناة

في صباحٍ جديد وبين خيام النازحين بمعسكر أزهري المبارك بالعفاض أبصرت طفلة النور وسط معاناة لا توصف.

إنها ندى الأزهار المولودة الجديدة للسيدة كفاح الصادق علي التي واجهت قسوة الحرب وفقد الزوج والبيت قبل أن تجد نفسها تُنجب ابنتها في خيمة بسيطة تحمل الرقم ٤٠٨.

بدأت القصة في مدينة الفاشر حين فقدت كفاح زوجها في اليوم الأول من القصف لتبدأ بعدها رحلة نزوح طويلة وشاقة سيرًا على الأقدام.

هربت مع أسرتها من جحيم الجنجويد متنقلة بين القرى والمدن بحثًا عن الأمان.

تقول كفاح بصوتٍ حزين وهي تضم طفلتها إلى صدرها

لم يكن أمامنا سوى الطريق. كنا نمشي بلا طعام بلا ماء حتى اضطررننا لأكل الامباز طعام البقر. كنت حاملًا وجائعة وخائفة لكن الله كتب لنا النجاة.

خمسة أيام فقط فصلت بين وصولها إلى مدينة الدبة وبين لحظة الولادة.

في المعسكر التفّت النساء حولها في لحظة إنسانية مؤثرة وارتفعت الدعوات والدموع مع صرخة الحياة الأولى لندى الأزهار التي جاءت كأنها وعد من الله بأن الغد يحمل ما هو أجمل.

وجدنا مع كفاح والدتها حواء أحمد سليمان وخالتها عفراء أحمد سليمان ولكل واحدة منهن حكاية موجعة عن التشريد والفقد لكن رغم قسوة الظروف تظل في عيونهن نظرة إصرارٍ وصبرٍ عميق.

ورغم المعاناة التي تعيشها الأسر داخل المخيم إلا أن روح التضامن والأخوة بين النازحين تمنحهم عزاء وسندا.

 يتقاسمون اللقمة التى يجود بها الخيرين من ابناء الشمال والأطفال رغم الجوع لا يفقدون ابتسامتهم.

تقول أحدى الاخوات المتطوعات في المعسكر:

ميلاد ندى الأزهار كان حدثًا مختلفًا جعل الجميع يشعر أن الحياة ما زالت ممكنة رغم الحرب وأن الله لا يترك عباده في الشدائد.

اليوم تجلس كفاح أمام خيمتها الصغيرة تنظر إلى طفلتها التي ترقد بسلام في حضنها وتهمس قائلة

سميتها ندى الأزهار لأنني أردت أن تكون رمزا للجمال في زمنٍ فقد فيه الناس الأمان.

واردفت قائلة والله لو وضعت ذكرا لاسميته ازهرى المبارك.

قصة ندى الأزهار ليست مجرد حكاية ولادة بل رسالة أمل من قلب المعاناة تؤكد أن السودان ما زال ينبت الحياة رغم الجراح.

ومن بين الدموع تُزهر الحياة من جديد.