48 طن من المـواد الغذائية تصل إلى المستهدفين في كـادقلي وجُلُد والمسيرة مستمرة..
أردول: الخطوة ستنقذ أرواح الملايين من أهلنا الذين ظلوا محاصرين ما يقارب العامين..
والي جنوب كردفان: نتفاءل بأن يفضي إيصال المساعدات إلى اتفاق لوقف إطلاق نار..
تشديد على ضرورة أن تصل هذه المساعدات إلى يد المستهدفين بها فعلياً..
بدأت ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة تخرج تدريجياً من عنق زجاجة أوضاعها الإنسانية الحرجة، وضائقتها التي خنقت معاش الناس وجعلت الكثير من المواطنين يأكلون أوراق الأشجار والجراد للتكيف مع واقعهم المرير، ومحاولة البقاء على قيد الحياة في ظل ندرة وعدم وجود طعام، حيث بدأت ومنذ الجمعة الأول من نوفمبر الجاري هبوط الطائرات المحملة بالمواد الإغاثية والمساعدات الإنسانية، تنفيذاً لاتفاق جرى في مدينة جوبا في الخامس عشر من سبتمبر الماضي 2024م بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ونظيره الفريق سلفاكير ميارديت رئيس جمهورية جنوب السودان يقضي بإرسال المساعدات الإنسانية مباشرة من مطار جوبا إلى مطار كادقلي.
أطنان من الغذاء:
وغطت سماء كادقلي خلال الأسبوع الماضي 4 طائرات عبر منظمة سمارتن بريس الأمريكية المعروفة والمعلومة لكل من الحكومة والحركة الشعبية، وهي قادمة من دولة جنوب السودان، حيث بلغت حصيلة الرحلات الأربع عدد 48 طناً من المواد الغذائية التي شملت دقيق القمح، الذرة الشامية، الفاصوليا، ملح طعام، وغيرها من المواد الغذائية التي تستهدف الفئات المحتاجة في مناطق سيطرة الحكومة والحركة الشعبية، حيث نصَّ الاتفاق أن تكون المناطق المستهدفة بإيصال المساعدات تضم في المرحلة الأولى كلاً من كادقلي التابعة للحكومة، ومنطقة جُلُد التابعة للحركة الشعبية لتحرير السودان، بعد أن كان الاتفاق الأول ينص على أربع مناطق، وقد تم بالفعل إسقاط المواد الغذائية في منطقة جُلُد ذات المطار الترابي والتي تعجز طائرات الشحن اليوشن من الهبوط فيه.
تنسيق لتدفق المساعدات:
وتستمر عملية إيصال المساعدات المباشرة من مطار جوبا الدولي إلى مطار كادقلي الدولي لمدة شهر واحد وفقاً للتفاهمات التي تمت بين منظمة سمارتن بريس الأمريكية والحركة الشعبية من جهة، وبين المنظمة والحكومة السودانية من جهة أخرى، وذلك بالتنسيق المحكم من قبل حكومة دولة جنوب السودان، وتمثل هذه الخطوة بحسب مراقبين عملية انعاش غذائي من شأنها أن تقـود إلى تحسين الوضع الإنساني في ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة، حيث ظلت المنطقة ترزح لأكثر من عام ونصف العام تحت وطأة ظروف معيشية واقتصادية خانقة بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية جراء الحصار المفروض على المنطقة التي أصبحت معزولة بانقطاع الطريق الرئيس الأبيض – الدلنج – كادقلي بسبب وجود ميليشيا الدعم السريع شمال مدينة الدلنج عند منطقة الدبيبات، ووجود قوات الحركة الشعبية جنوب مدينة الدلنج عند منطقة حجر جواد، والسماسم، والمناطق المتاخمة لها، حيث يمثل طريق الأبيض – الدلنج – كادقلي شرياناً للحياة، ومُتنفَساً لرئة الاقتصاد في ولاية جنوب كردفان
سعادة بنجاح المهمة:
وامتدح والي ولاية جنوب كردفان الأستاذ محمد إبراهيم عبد الكريم عملية إيصال المساعدات التي انطلقت بولايته مطلع نوفمبر الجاري، من مدينة كادقلي إن الخطوة تعكس حرص الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال فصيل عبد العزيز الحلو على رفع المعاناة عن كاهل المواطنين المتأثرين في ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة، منوهاً إلى شكل التنسيق القائم بين الطرفين منذ وصول الوفد الفني الذي كان معنياً بالوقوف ميدانياً على الخطوات الإدارية والفنية ومدى ملائمة مطار كادقلي واستعداده لاستقبال حركة الطيران، معرباً عن سعادته بنجاح الجهود المتعاظمة التي بذلتها جميع الأطراف من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المستهدفين، وجدد الوالي تأكيداته بأن العملية ستمضي وفق ما هو مخطط لها من خلال المتابعة الدقيقة واللصيقة من الأجهزة المختصة، والجهات ذات الصلة في الحكومة المركزية والولائية، وقال الوالي إن الأمل مازال قائماً بأن تقود هذه الخطوة بإيصال المساعدات الإنسانية إلى خطوة أكثر إيجابية وتطوراً بتوافق الطرفين على اتفاق مستقبلي لوقف شامل لإطلاق نار يمهِّد إلى عملية سلام، ويقود المنطقة إلى استقرار وتنمية وإعادة إعمار.
تفاعل وتفاؤل:
وكانت منصات التواصل الاجتماعي ومجموعات واتساب الخاصة بأبناء ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة، قد تفاعلت مع برنامج استمرار وصول طائرات المساعدات الإنسانية إلى مطار كادقلي، متفائلين بالعملية التي عدوها اختراقاً كبيراً في جدار المساعي المبذولة لرفع المعاناة عن كاهل الموطنين خاصة في مناطق سيطرة الحركة الشعبية التي تشير الإحصائيات التي أصدرتها السلطة المدنية في تلك المناطق إلى أن أكثر من 20% من الأسر تعاني من نقص حاد في الغذاء وأن 30% من الأطفال يعانون من سوء التغذية، وأشادت الأستاذة راوية كمال عبد الكريم مفوض العام الإنساني السابق بولاية جنوب كردفان بخطوة إيصال المساعدات إلى المستهدفين في المنطقة مما يخفف عنهم كثيراً وطأة الجوع والمسغبة، وامتدحت راوية شكل التفاهمات وتنسيق الجهود والمواقف بين الحكومة المركزية والولائية من أجل إنجاح برنامج إيصال المساعدات الإنسانية عبر منظمة سمارتن بريس الأمريكية والسلطات المختصة في حكومة دولة جنوب السودان، مبينة أن الخطوة قد أعادت الأمل ورسمت البسمة على الوجوه التي ظلت تكابد شهور عددا، وناشدت وأبانت الأستاذة راوية كمال الجهات المختصة في الحركة الشعبية والحكومة بضرورة إعمال المزيد من التنسيق والتفاهمات من أجل تغطية كل ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة بهذه المساعدات الإنسانية التي يحتاجها كل مواطن في المنطقة عطفاً على الظروف الاستثنائية التي يكابدها الجميع.
ظفر بعد صبر:
وأعرب رئيس المكتب القيادي للتجمع الديمقراطي للعدالة الاجتماعية مبارك أردول عن سعادته ببدء برنامج إيصال المساعدات الإنسانية إلى المستهدفين في ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة تنفيذاً لاتفاق الرئيسين السوداني والجنوب سوداني الفريق عبدالفتاح البرهان والفريق سلفاكير ميارديت، وأبدى أردول شكره وتقديره العميق للرئيسين سلفا والبرهان وللجهات المعنية كافة، المتابعة والمنفذة لهذا الاتفاق الذي قال إنه سينقذ أرواح الملايين من أهلنا الذين ظلوا محاصرين ما يقارب العامين، وأرسل أردول تحيات لكل الجهات التي تطوعت في ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة خلال الفترة الماضية، وبذلت الغالي والنفيس خلال الفترة العصيبة التي مرت بها المنطقة من أجل تخفيف حدة المجاعة التي شهدتها المنطقة خاصة أصحاب المطابخ والمبادرات والخيرين داخل وخارج البلاد من الجهات الحكومية والشعبية، وزاد أردول “لا أنسى شخصياً الصرخات التي استمعت إليها من أفواه أطفالنا الجياع من أقرب الأقربين من أهلنا الذين كانت بيوتهم مفتوحة وخيرهم باسط في فترة ما قبل الحرب، لقد جاءكم الغوث بعد صبركم الطويل”.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فقد أمطرت سماء ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة طائرات محملةً بالمساعدات الإنسانية غوثاً وعوناً لإنسان المنطقة الذي اكتوى كثيراً بنيران الظروف الاستثنائية التي تعيشها المنطقة سواءً بسبب الحصار المضروب عليها، أو جراء ندرة الأمطار التي تسببت في ضعف مردود الموسم الزراعي، ويبقى أمام السلطات المختصة في الحكومة والحركة الشعبية تحدٍ مهم يتمثل في ضرورة أن تصل هذه المساعدات إلى يد المستهدفين بها فعلياً، لتتحقق المقاصد الإنسانية من وراء إيصال هذه المساعدات، وعلى أن يظل باب الأمل مفتوحاً بتحقيق المقاصد السياسية بتفاهم الحركة الشعبية والحكومة السودانية على وقف لإطلاق للنار يمهِّد الطريق لقوافل السلام والاستقرار والتنمية وإعادة الإعمار.