
مساء أمس الأول، وبينما كنا نعيش رتابة الأيام، جاءت قرية السدرات التابعة لمحلية أبوحجار بولاية سنار لتُكسر هذا الرتابة، لا بخبر سار، بل بصرخة استغاثة مدوية. ربع ساعة فقط، نعم، ربع ساعة من الأعاصير العنيفة المتزامنة مع أمطار خفيفة، كانت كفيلة بتحويل حياة العشرات إلى دمار وخراب.
الصور الواردة من هناك تدمي القلب، فقد تهدمت حوالي 32 منزلاً بشكل كلي أو جزئي هذا بجانب عدد (٣) فصول بمدرسة المنطقة الأساسية، هذا حسب تفرير لجنة الحصر بالمنطقة الذي وصلتنا منه نسخة. الأسقف الزنكية تطايرت بعيداً، الجدران انهارت، والرواكيب سقطت. مشهدٌ تكرر وكأنه شريط يعيد نفسه، فذات المنطقة، وذات الاتجاه الغربي من شريط المنازل، قد شهدت كارثة مشابهة قبل أربع سنوات. الغريب أن بعض المنازل التي تضررت عام 2020 عادت لتتضرر مجددًا، حتى تلك التي أعيد بناؤها وتعميرها.
الحمد لله على سلامة الأرواح، فلم يصب أي مواطن بأذى مباشر جراء هذه الأعاصير، وهذا بحد ذاته معجزة في ظل حجم الدمار. ولكن الأضرار لم تقتصر على المنازل، فقد لحقت المواشي هي الأخرى بأذى كبير، حيث نفقت واحدة وبُطنت خمس بسبب تساقط الطوب عليها.
اليوم، أصبح كثيرون بلا مأوى بعد عواصف مساء أمس الأول، وهم في أمس الحاجة للمساعدات الإنسانية ونعرف ظروفهم جيدًا، خاصة تلك التي توفر المأوى، وما يزيد الطين بلة هو الغياب التام لحكومة محلية أبوحجار ولا حتى الوحدة الإدارية، التي لم تعر الحدث أدنى اهتمام. فبالرغم من إبلاغها بالكارثة، لم تكلف نفسها عناء الحضور للوقوف على حجم الدمار ومعاناة الأهالي.
إنها دعوة صادقة لكل من يمتلك ذرة إنسانية للمساعدة. هل من معين في هذا العمل الإنساني النبيل؟ هل من أيادٍ بيضاء تمتد لترفع عن كاهل هؤلاء المتضررين بعضاً من معاناتهم؟
إننا نتوقع إسهامات سريعة لدعم المتضررين والمتأثرين بعواصف السدرات. فالتراخي في مثل هذه المواقف ليس خياراً، والتفاعل هو ما نحتاجه الآن لنعيد الأمل إلى قلوب من فقدوا كل شيء.