وانا أجر خلفي حقيبتي رفيقة السفر والمطارات والموانئ وعلي راسها مشدود بقوة كيس من البلاستيك يعرفه اهل دارفور بإسم (أبكر ارح) وهي دلالة علي الجاهزية السفر ، وانا أجر تلك الحقيبة اشعر كأنها تؤنبني علي هذه المسافة الطويلة التي لم تعتادها ، وهذه الطرقات المتعرجة والترابية التي غيرت من معالمها ولونها ، أما يداي فقد كادتا إن تتمزقا من فرط الألم وقوة الحمل ، أما ماحملته علي راسي فكان حكاية مختلفة ،، كنت مندهشة إن لدي هذه القوة التي جعلتني احمل علي راسي ما يزيد عن خمسين كيلو من احتياجات اسرتي ، التي تركناها خلفنا ،، حيث كان يحدونا الأمل بالعودة ثانية الي مقرنا، لففتها بعناية فيما يعرف ( بالبقجة ) ،، كنت طوال فترة المشوار ، امشي بلا هدف ،، بلا غاية ، عقلي مشغول لم يبال بالحمل الثقيل علي راسي ، كأني تجردت من كل احساس بما يدور حولي ،، ، كنت اتساءل الي متي نحمل عصا الترحال ؟ ، ومتي العودة للبيت الكبير ولم الشمل ؟ ، فجاءة قفز الي ذهني واقع حاولت الهروب منه طوال فترة اقامتي في ود مدني ،، انني بهذه الكيفية التي عليها الان ( إنني أصبحت نازحة) .