رؤي
واصله عباس
علي تخوم مدينة امدرمان وفي شطرها الجنوبي ، تقع مدينة ابوسعد منذ أزمان بعيدة ، حكايات الصمود والشجاعة وقرع النحاس رواها التاريخ علي مر العصور والازمان ، يحملون تاريخا باذخا من الصمود والصبر والكرم وعزة النفس ، روت تلك المعاني أوردتهم ، وتنسمت صدورهم تلك المكاسب التاريخية التي توارثها كابرا عن كابر ، فكان صبرهم وثباتهم في الحرب الغاشمة علي الخرطوم من قبل مليشيات الدعم السريع ، فما بارحوا ديارهم ، وماتركوها ، وظلوا في صمودهم الذي صار مضرب مثلا حتي نحلت أجسادهم من المسغبة التي ألمت بهم ، فعاث تجار الأزمات فيهم فسادا ، وتفننوا في تعذيبهم بوضعهم أسعار علي قوتهم لاطاقة لهم بها ، ولايصدقها عقل حتي أصبحت فئة ألف جنيه كانها قرشا لايسوي شئ ، فكل شئ من السلع الإستهلاكية أصبح أقل سعر له هو عشرة الف جنيه وسبعة الف جنيه لكيلو العدس أو الأرز ، ولكن رغم تلك المسغبة ظلوا في ثباتهم ، بيد أن الصغار والمرضي وكبار السن ، كان الأمر قاسيا عليهم ، وتدوينات الدعم السريع التي حصدت الأرواح فصار في كل بيت فقد ، وحزن ، وألم ، وطئت أقدام الموت والفراق علي قلوبهم حتي جفت مآقيهم من فرط الحزن ، والمسامع قد تآذت بفقدان الأحبة ، ومليشيات الدعم تزيد في حصارهم ، كيف لا وقد وجدوا ضالتهم في هذا السد المنيع الذي صعب عليهم هده وكسره ، فقاموا بإحكام الحصار عليهم لان موقعهم يجعل المنطقة العسكرية صعبة المنال ، وبهذا الحكم أصبحت مدينة الفتيحاب تحت قبضة الجنجويد من الناحية الجنوبية ، ونهر النيل من الناحية الشرقية ، والمنطقة العسكرية من الناحية الشمالية ، أما الغرب فما هو إلا إمتدادا لذات الحصار ، عدة تسأولات نطرحها ، الي أين يذهب الأهل والصغار ، وقد زاد ثمن البقاء والصمود حتي وهن العظم وإشتعل الرأس شيبا ، وفي ظل الصمت المحكم للقيادة العسكرية في المنطقة العسكرية التي كان ينظر الأهالي اليها بأنها النور الذي سيخرجون منه الي الأمان والسلام والطمأنينة بأن تدخل بعض المواد الغذائية الإستهلاكية حتي ينتهي إحتكار تجار وتاجرات الأزمات الذين نهشوا في قوت الناس حد الوجع ، ولكن أنطفأ ذاك البريق علي الرغم من محاولات عقلاء وكبار المنطقة بالحديث الي جهات الاختصاص في المنطقة العسكرية .
من هنا جاءت رسالتهم اليك بعد أن كملت كل حيل الصبر فيهم ، وجفت منابع الغذاء والدواء الذي إستحال فيه حتي العلاج البلدي ، ولقي الكثيرون حتفهم جراء إنعدام الدواء ، ومات لي ثلاث إخوة في هذا الحصار البغيض يالسيد الوالي والرابعة تعاني في إحدي الولايات التي خرجنا اليها بحثا عن دواء ، ولكن رغم ذلك ظلت المبادرات المجتمعية قائمة ، يتقاسمون البليلة وهم يحافظون علي الإرث القديم (العندها عويش التقوم تجي ،، شدينا الكرامة صدق للنبي ) فإنهالت التبرعات من أبناءها الخلص في الداخل والخارج ، وظلت كاميرا ابوسعد في يد إبنها البار خالد النذير ترسل صوت الفتيحاب وابوسعد كاملا يحكي فيه كيف هو الحال حتي تتم المعالجات ؟، بعد كل هذا الجهد آن لوالي الخرطوم الرجل الصنديد احمد عثمان ان يسمع صوتهم ، وأن يدفع بما يزيل عنهم الضيم ، حتي الأٍسر التي جاءت الي محلية كرري لاتعرف طريقا الي الوالي ومكاتبه وإدارته فكما هو معلوما للجميع ، أن أهالي الفتيحاب لايعرفون طريق الحكام للسؤال أعطوهم أو منعوهم ، لذلك كل المتواجدين في الثورات لم ترصدهم إحصائيات والي الخرطوم ومساعدة المنظمات والمبادرات ، فالكثير منهم لازال يتوسد الأرض في نومه ، بعد أن تركوا كل شئ وراهم ، وضاقت الأرض بما رحبت بهم ، ولم تتفتح لهم أبواب الرزق ، وظلوا يعيشون الكفاف ولكنهم لا يعرفون السؤال .؟
السيد الوالي ،، من حق أهلنا في ابوسعد الفتيحاب اهل الركاب أن تستمع اليهم ،، وأن تقيل عثراتهم ، وأن تشفي جراحاتهم بعد البشريات التي جاءت بها قواتنا المسلحة المنصورة بإذن الله أن تيمم وجهك شطرهم ، وأن يكونوا من أولوياتك بعد الهجر الإجباري ، سيما وطوال ولاياتك لم تعفر أقدامك ارضهم ، لهذا فالموعد يجب أن يكون قريبا ، وإني لدالك اليهم إن كانوا في مسقطهم ، أو في محلية كرري التي جاء اليها الصغار والنساء والمرضي ، أما الشباب والرجال فالكثير منهم باقي في ارضه ،، فهل نسمع بلقاءك ، وإزالة الضيم عن أهلنا في أبي سعد ،، وإني لا أترقب أتصالكم ؟
رؤي أخيرة
وغدا نعود حتما نعود لأوطاننا مرفوعي الجبين
أن أهل الركاب لهم عريكة لاتلين وظلوا صامدين