مواليد المعسكرات مصير من وراء الغيوم
بقلم : واصله عباس
لايدرك هولاء الصغار القادمين الي الحياة ، أن الواقع الذي جاءوا اليه ، تتسلل ملامحه من وراء الغيوم ، وسحابات الدخان التي لاتنطفئ ، وأصواته الصاخبة والمتنوعة مابين دوي المدافع وإنفجارتها القاتلة ، وأزيز الطائرات المقاتلة ، واصوات الرصاص الدامي ، وصراخات الثكلي ، وأنين الجرحي، أي أنهم جاءو من رحم الحرب التي تدور رحاها في السودان بين قوات الشعب المسلحة ، ومليشيات الدعم السريع ، هي التي قادتهم الي أن يخرجوا الي الحياة في معسكرات النزوح ، تتلقفهم آيادي المنظمات الإنسانية والتطوعية ، بعيدا عن آهاليهم وجيرانهم ، ولم تُسمع أصوات الزغاريد ترحيبا بمقدمهم ، ولم توزع الحلوي طرباً لمقدمهم ، حتي عبارات التهاني خرجت مشوبة بالحزن جراء اللحظات القاسيات التي عاشوها في الخرطوم ، ومملؤة بالخوف من المصير المجهول الذي ينتظرهم في تلك المعسكرات التي لايعرف أحد نهاية للإقامة بها ، سيما والحرب قد دخلت في شهرها الرابع ولازالت مستعرة مخلفة الموت والدمار ، كم من المعاناة كانت فيها الأم عند خروجها القسري ، تاركة وراءها كل شئ ، ولم تتذكر أن تحمل معها مستلزمات المولد الجديد الذي عكفت طوال فترة الحمل علي شراءها ، ليخرج الي الحياة وهو لايجد أبسط مستلزماته التي نسيتها المنظمات الإنسانية عند تقديمها لإحتياجات النازحين الفارين من حرب الخرطوم .
يبقي السؤال ماهو مصير هولاء الاطفال الذين وصموا بأنهم (أطفال الحرب) ، سيما وهم لايملكون شهادات ميلاد ، ولا حقيبة ملابس تخصهم ، ولا كرت تطعيم يؤكد تعزيز مناعتهم ضد الامراض كغيرهم من رصفائهم في بقية الوطن الجريح .