رؤي
في كل الحقب والفصول التي تعاقبت علينا في هذ الحياة ، تنسمنا صيفها وحر سمومها ، وإارتعدت فرائضنا في زمهرير شتاءها ، لتصبح هي بمثابة الدفء والملاذ الآمن ، وفي عز الترحال المضني وقسوة الرحيل الإجباري ، أصبحت هي المتكأ حين عز علينا الرفيق والصديق والحبيب ، حتي أصبحت أُيٌمم وجهي شطرها آمنة مطمئنة ، أتناسي في وجودها غدر الزمان وكالحات الأيام ، تمتد يديها من خلال عطاءها الثر لتمنحني الخير والعطاء ، حين منحتني المساحات لنشر الخير ، وخدمة الغير ، إنتمائي لجمعية الهلال الاحمر السوداني منذ أمد بعيد أخاله ربع قرن من الزمان ، مكنني من كثير من الأشياء التي أخالها ، لاتكتمل إلا بوجودي في صفوف العطاء وخدمة المبادئ السبعة ورفع القيم الإنسانية والعمل علي المحافظة عليها ، بعيدا عن أيدي كل العابثين بها ، تجربتي في الإنضمام لصفوف الهلال الاحمر منحتني شرف الإنتماء ، وأعانتني علي الدهر ، فأصبحت هذه المنظومة المترعة بالإنسانية هٌوية ثانية بالنسبة لي ، يعرفني من حولنا بها ، كلما ظهرت بيارق الشارة تلوح في الأفق ، إلا وكنا المقصد في الإجابة علي سؤال السائلين ماذا تعني ؟ ولماذا هي هنا ، ونجد الأجابة إنها جاءت تحمل البشري والخير الوفير.
يأتي الإحتفال باليوم العالمي للحركة الدولية لجمعيات الصليب الاحمر والهلال الأحمر في 8 مايو لهذا العام ، داعيا الي العمل علي ضخ الحياة في أوردة الإنسانية حتي تظل حية ، ويٌعتبر الإحتفال بمثابة العيد القومي الذي ننتظره عاما تلو عام ، لنٌجدد فيه العهد والولاء لهذا الصرح الإنساني الكبير، نكمل بحروف من نور مسيرته في العون والغوث والمدد والعدد ، ولكن يأتي الإحتفال لهذا العام والجراحات تملآ قلوبنا والأسي يحتضن ثنايا الروح ، حزنا وشوقا ، وأسفا ، يأتي 8 مايو لهذا العام وهي تٌقدم لنا الدعوة إلي (إبقاء الإنسانية حية ) ، وعلي الٌرغم من مرارة التشرد والنزوح والخروج القسري من الديار ، وفراق الأهل والإخوان وتشردهم في ديار الله الواسعة ، وهم يعانون ويلات النزوح ، (سنبٌقي علي الإنسانية حية) ، رغم أوجاع أطفالنا وحرمانهم من اللهو البرئ ، خوفا عليهم من التدوين والقذائف التي لاتفرق بين برئ ومتهم ، (سنٌبقي علي الإنسانية حية) ، وفي ظل لوعة الاشواق التي يقودني الحنِين فيها الي ديارنا الواسعة والي أبوابها المشرعة أمام كل طارق وصاحب حاجة ، إلي محنة الخالات والأخوات ، ومواصلة الجيران ، ويتواصل الحنين الي الشوق الي أن تصل أسماعن صخب شوارع الحي ، ومشاجرات الجيران المملؤة بالمحنة والمحبة التي غالباً تنتهي قبل أن تبتدئ ، ليتني أتلمس بأشواقي غرفتي التي إستودعتها سري وحزني وفرحي ، غرفتي التي تعرف عني كل شئ ، و التي بها كل أغراضي وأشيائي وكتبي ، وأوسمتي وهداياي التي تٌذكرني بعهدي في مسيرة التطوع ، ورغم حنيني وإلتياعي الي كل ذلك (سأعمل علي إبقاء الإنسانية حية ) ، ، لقد طالت الحروبات مدينتي الوادعة التي ترقد علي ضفاف النيل ، وإنفطر قلبي علي أشقائي الثلاث الذين كانوا سندي وعضدي في مدلهمات الأيام ، بعد فقد الوالدين المفجع ، وكان إخوتي ثوبي الذي أتدثر به من حر الهجير ، وأتدفأ به من حر الصيف ، كانوا أحد ضحايا للحرب الأثيمة ، ويحي قلبي علي فراقهم وأنا بعيدة عنهم ، بعد أن تفرقت بنا السبل ، ولكن فاجعة رحيلهم ظلما لآزالت تٌدمي قلبي ، ولكني (سأعمل علي إبقاء الإنسانية حية) ، سأتدثر بتلك المبادئ السبعة التي تواثقت فيها مع الحركة الدولية لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر منذ ولوجي الي باحاته ، ولازلنا نؤدئ الفرض حاضرين كلما نادتني المبادئ السبعة ، فخورة بإنتمائي الي جمعية الهلال الاحمر السوداني متطوعة أتزين بثوبه الذي يٌعد الخير للناظر اليه ، وبه أبُاهي وأفتخرُ لانني أعمل عبره علي (إبقاء الإنسانية حية) في ربوع بلادي ،، ننتظر فجراً جديدا نبني فيه مجد الجمعية ومبادئها لتنافس الثريا في عليائها.
رؤي أخيرة :
وكما قال الشاعر عمر عثمان :
نحن للشاكي عيون تسهرٌ نحنٌ الهلال الاحمرُ
وللسلم عهود وللود شعار .. وللإنسان جئنا ننصرٌ
وللأم الكريمة رأفة وللطفل البرئ الأصغرُ
متطوعون الي المصاعب كلنا جواً .. وبراً أو نخوُض ونُبحر.