
منذ بداية الحرب في السودان، وحينما بدأت تتآكل البنى التحتية وتنهار منظومات الخدمات الأساسية تحت وطأة الدمار والقصف ،برزت احدى مبادرات أبناء الوطن في الخارج كضوءٍ وبارقة امل، لتقدّم نموذجًا لما يمكن أن يكون عليه الفعل الوطني الحقيقي، للشباب السوداني في بلاد المهجر .
منظمة HSTS، التي أسسها شباب سودانيون مقيمون في هولندا، تقدّم اليوم واحدة من أبرز النماذج في دعم القطاع الصحي، ليس فقط من خلال توفير المعدات والمستلزمات الطبية، بل بإعادة بناء الثقة في أن الوطن يمكن أن يُبنى من جديد… من القاعدة، لا من القمة.
منظمة HSTS تواصل في دعمها للقطاع الطبي في السودان وهي تنجح في توفير دعمًا طبيًا نوعيًا يُقدّر بـ 250 ألف دولار أمريكي، يُنفّذ على ثلاث دفعات، لصالح القطاع،
تم الفراغ مؤخرا من من شحن معدات طبية لمستشفى جبل اولياء الذي يخدم أكثر من 10,000 مواطن في منطقة. ولم يقتصر الدعم فقط على المعدات، بل شمل رؤية شاملة لإعادة تأهيل المستشفى، وتحويلها إلى مركز قادر على توفير العلاج والرعاية الأساسية مما يوفر على المرضى مشقة السفر والارتحال الطويل من أجل الحصول على الرعاية الطبية.
شملت حزمة الدعم:
• أسِرّة عناية مركزة وعادية
• أجهزة معملية وتشخيصية
• أدوات جراحية
• مستلزمات إسعافات أولية
• أدوات مساعدة لكبار السن وغير القادرين على الحركة (كراسي متحركة، عصي…)
• ماكينات للعلاج الطبيعي وإعادة التأهيل
• ومستلزمات طبية متنوعة بحسب الحاجة المحلية
جاءت هذه المبادرة وفق خطة تنفيذية دقيقة، بدأت منذ فترة طويلة بحشد الجهود لدعم القطاع الصحي في السودان.
من المتوقع أن تمر الحاوية من ميناء روتردام الى ميناء جدة، وصولًا إلى ميناء بورتسودان، قبل أن تستقر في وجهتها النهائية: مستشفى جبل أولياء. نهاية شهر اغسطس المقبل.
يجري العمل حاليًا بالتنسيق مع وزارة الصحة والسلطات المحلية، بقيادة الدكتور محمد التجاني، مدير عام المستشفى، على مشروع متكامل يهدف إلى إعادة تشغيل وتحديث المرفق الصحي، وتوفير بيئة علاجية تحفظ كرامة المريض وذويه.. وتوفر عليه مشقة السفر لمسافات بعيدة لتلقي الخدمات العلاجية.
تمثل هذه المبادرة المقدمة من شباب منظمة HSTS مشروعاً وطنياً يعبّر عن رؤية مختلفة لمفهوم الاغتراب والمواطنة. فالمغترب في هذا التوقيت الحرج من تاريخ السودان شريك في إعادة البناء، بمبادرات تتسم بالحكمة، وتستند إلى احتياجات حقيقية مدروسة، وتنفيذ محكم من حيث التوقيت والوجهة والأثر المتوقع.
يحملون بناء السودان الوطن في قلوبهم، لا ينتظرون إذنًا للبدء، بل يمضون، ويصنعون الفرق في صمتٍ.