تقارير إخبارية
أخر الأخبار

أحياء الخرطوم تحكي قصص البقاء والصمود في زمن الحرب

تقرير : عاكفة الشيخ بشير

حرب مليشيا الدعم السريع المتمردة على الشعب السوداني في الخامس عشر من أبريل العام 2023 م وحتى الان مازالت تشهد أسوأ انواع الاستهداف والانتهاكات للمواطنين في مسكنهم وممتلكاتهم وأنفسهم والإمعان في تدمير البنية التحتية بهدف إفراغ الأحياء من السكان فخلفت هذه الحرب هجرة غير مسبوقة حيث وجد المواطنون أنفسهم في المناطق التي سيطرت عليها المليشيا في مواجهتها وهي بكامل عتادها بينما هم عزل

ومع هذه الهجرة غير المسبوقة بقيت أعدادا من المواطنين بمنازلهم لأسباب متعددة تختلف من شخص لآخر ومن أسرة لأخرى وجعلتهم الظروف يبقون في بيوتهم ويواجهون صورا وألوانا ومشاهد من المعاناة في مواجهة قوة البطش التى تستهدفهم وتستهدف البنية التحتية لمناطقهم لإخراجهم منها قسرا وكان سلاحهم في مواجهة هذه الظروف القاسية قوة الإرادة والتصميم على التمسك بعدم الخروج وبقاء الوطن..

وتشتت شمل بعض الاسر التي نزح كبارها من المسنين رجالا ونساءا بجانب الفتيات لمناطق أخرى مخلفين ورائهم الشباب لحراسة البيوت والممتلكات .

وعانى من ظلوا بالمناطق التي كانت تحت سيطرة المليشيا أشد المعاناة وذاقوا ألوانا وصنوفا من العذاب . وشهدت مؤخرا المناطق التي حررها الجيش عودة المواطنين لمنازلهم .

وفي هذا التقرير نتناول صورا لتجارب شخصية من القهر والصمود للمواطنين الذين ظلوا ببيوتهم في المناطق التي سيطرت عليها مليشيا الدعم السريع المتمردة قبل اعادة تحريرها بواسطة الجيش السوداني، حيث تحولت الحياة من جحيم المليشيا المغتصبة بعودة المواطنين لمساكنهم بعد تقدم الجيش لمناطقهم ودخولها.

وأوجه الحياة حاليا واختلافها من حال لحال والأوضاع في عدد من المناطق والجهود المبذولة مع الجهات المختصة لتهيئة البيئة للعودة للخرطوم خاصة بعد تكوين اللجنة العليا لتهيئة بيئة العودة إلى الولاية، وتزايد العودة الطوعية لعدد من المناطق والأوضاع بها ومشاهد من الحياة وعمل الشباب في كل المراحل لخدمة الآخرين .

خالد عادل حامد ـ حي العمارات

نشأ خالد في حي العمارات، وهو حي اجتماعي متداخل للسكان من موظفين وتجار وضباط. منذ صغره، انخرط في العمل التطوعي والمجتمعي، دفاعاً عن حقوق الحي والحفاظ على الخدمات العامة منذ ان كنا طلاب في مرحلة الاساس عندما دافعنا عن المدرسة وبقائها..

وواجه الشباب تحديات كبيرة مثل مشاكل الصرف الصحي والكهرباء والمياه، كما تصدوا لمظاهر الفوضى في الحي مثل ظهور الجنبات، ونجحوا في تنظيم حملات مجتمعية لإزالتها بالتعاون مع الشرطة والمجتمع المحليوأصحاب الأغراض في بيع الحقوق ذلك.

ويواصل المواطن خالد حديثه لسونا انه ،بعد أن كبرت ومع النضج انتقلت للعمل العام في الحي وفي اللجان الشعبية والاهتمام بالنظافة وترتيب الشوارع العامة وسفلتتها وتنظيم الحدائق لتشمل كل الحي وتنظيم الشوارع الداخلية وفي هذا المجال عانينا من عدد من المشاكل وتصدينا لها كمشاكل الصرف الصحي والكهرباء المحولات والمياه وإصحاح البيئة والتطعيم وتغلبنا عليها جميعها .

مشكلة الجنبات في الحي :

ظهرت الجنبات كمشكلة كبيرة كانت مزعجة لنا نحن كحي مترابط اجتماعيا وسكانه متداخلون على عكس ما يظنه الآخرون . وشباب الحي لديهم قوة في العمل الطوعي والاجتماعي والحث الأمني ، كان لدينا طوف بدأ العمل مع قسم الشرطة كان يحرس في رقعة كبيرة تمتد خارج الحي لأحياء أخرى بمسافات بعيدة حتى وسط الخرطوم .

عندما استفحلت مشكلة الجنبات قمنا بحملات مجتمعية ومواكب داخل الحي شارك فيها السكان ونفذنا حملات وسيرنا مواكب احتشدت أمام الجنبات بهتافات ورفعنا شعار ( العمارات منطقة حرة الجنبات تطلع برة ) مطالبين بخروجها من الحي ،

عقدنا مؤتمر صحفي كانت تغطيته الصحفية على مستوى عالي واهتم مشايخ وعلماء السودان بالموضوع وتحدثوا عن هذا الامر وتناولت الصحف والمساجد الموضوع وأصدرت بيانات في هذا الخصوص ترفض الجنبات وتم قفلها في ذلك الوقت إلا القليل .

وكان لهذه الجنبات أثرها في وجود متعاونين مع الدعم السريع كان لهم أثرهم عند اشتعال الحرب وتمت السيطرة بذلك على الحي .
مبادرات شباب العمارات :

كانت لدينا مبادرات توفير الادوية للحوادث والمستشفيات والحديث لخالد والزراعة بمبادرة غرس تمت من خلالها زراعة اكثر من 4 الاف شجرة منقة مثمرة لازالت هذه الأشجار حتى الآن مثمرة .

نحن كشباب حي لدينا في العمل الطوعي تجارب كبيرة في شوارع الحي ، حفر الابار ، صيانة وبناء المساجد إغاثة المنكوبين والمتأثرين بالسيول والامطار والنازحين بمعسكر زمزم ومليط تم التدخل واغاثة معسكر كساب و فتابرنو بكتم شمال دارفور ومعسكرات نيالا للنازحين كلها قمنا بزيارتها ودعمها اغاثيا ،كما كان لنا دور بطوكر في فترة السيول 2021 .

، كنا الجهة الوحيدة التي شاركت عبر عمل تنسيقي عبر تنسيقية إغاثة متضرري السيول والامطار وفي معظم ولايات ومدن السودان شمالا ، جنوبا ، شرقا وغربا كل ذلك قام به شباب الحي قبل الحرب . وكانت تلك تجارب تراكمية أهلتنا للقيام بأدوار إيجابية عند نشوب الحرب .

الحرب وتدخلات عاجلة لشباب الحي :

مع انطلاقة الحرب في 15 ابريل 2023 م استفدنا نحن شباب الحي من خبراتنا السابقة في العمل الطوعي وشكلنا لجنة لرعاية أهل الحي اهتمت بالمصابين وقمنا بعمليات الإخلاء بالتعاون مع الجهات المختصة . وظللنا نوفر المواد الغذائية والطبية للمتواجدين بالحي إلى أن استفحل الوضع فخرجنا للولايات ووفقنا الله في متابعة الاحداث في العمارات وما يدور مع القوات المسلحة حتى تم النصر ودخول الجيش هذه المناطق في الخرطوم بعد عامين من دخول المليشيا لها .

وهنا بدأت مرحلة جديدة تتطلب تكريس الجهود وتضافرها لإعادة الإعمار وتهيئة أسباب العودة الطوعية حيث أن هذه الحرب خلفت آثارا كبيرة أولها النزوح بصورة غير مسبوقة نسبة لاستهداف المليشيا للمواطن في نفسه وممتلكاته وماله ومسكنه حتى أصبحت المدن أشبه ببيوت الأشباح وكذا كان حال الخرطوم بعد الحرب . ورغم كل ذلك كانت تسود روح التفاؤل بتحريرها وإعمارها .
ما بعد النصر .. تحرير الخرطوم ومبادرة شباب العمارات :

بعد انتصار الجيش وتحرير الحي وعودتنا تم ذبح الذبائح فرحا بهذا الحدث الذي كان له تأثيره في نفوس أهل الحي وكان الحي كغيره من الاحياء التي تم تحريرها وإخراج المليشيا منها قد تدهورت احوالها وتغير مظهرها وأول ما يلفت الأنظار وما لاحظناه عند عودتنا مخلفات الحرب والتدهور البيئي .

فما كان منا نحن شباب الحي إلا أن قمنا مباشرة بالتخطيط لمبادرة شباب العمارات ولم يمنعنا ذلك من المشاركات وتقديم ما نستطيع في إغاثة المنكوبين خارج الخرطوم فتمت المشاركة في أعمال إغاثية بأبي حمد والفاو والفاشر وإلى الآن نعمل في إغاثة النازحين .

وعلى الصعيد الداخلي في الحي لدينا مكتب تنفيذي وتحته عدة مكاتب منها طبي ، اعلامي ، مالي ، طوارئ ومكتب خاص بالمشاريع ووضعنا من خلالها خطة طوارئ لشهرين كانت الخطة تخص ملفين الأول ملف الطوف والأمن وجمع الذخائر ومخلفات الحرب ودفن الجثث بالتنسيق مع الجهات المختصة وحراسة الحي خاصة من السرقات ،

والملف الثاني هو ملف الخدمات وبالفعل قمنا مع الجهات المختصة بجمع الذخائر والمخلفات وبدأنا بإعادة تأهيل محطات المياه والمساجد وافتتاحها ووفرنا طاقة شمسية للمساجد والأماكن العامة وفتحنا اول عيادة مجانية في الحي بتشريف الفريق (م) نصر الدين عبد الفتاح ونفذنا عددا من المشاريع .

قمنا بتنفيذ حملات اصحاح بيئي ونظافة وتعقيم بالتعاون مع الدفاع المدني ، ونعمل حاليا على إنارة الشوارع . وعند انتشار الكوليرا نظمنا حملات تطعيم ضدها بالتعاون مع وزارة الصحة لهم الشكر والتقدير على الاستجابة .

والآن نعمل في جميع الملفات ـ مع الجهات المختصة ـ في ملف المياه والكهرباء لمعالجة شبكات المياه المكسورة في الحي وتوفير مصادر مياه وفي ملف الكهرباء ستتم صيانة المحولات الموجودة الآن باستجلاب قطع غيار لها والعمل على إصلاحها والموقف الحالي للكهرباء متوفرة بشوارع الحي الرئيسية وتبقى جمع التبرعات لإصلاح بعض المحولات ويجري حاليا العمل على صيانة إحدى المحطات الرئيسية .

وفي ملف المدارس قمنا بنظافتها وترتيب المياه لها ومعالجات الصرف الصحي والحمامات بها وتبقى لنا القيام بنظافة شاملة للحي والبيوت الخالية من سكانها وعمل رش بيئي ولدينا خطة لزراعة الحي بأشجار مثمرة قريبا إن شاء الله .

وسنعمل على توزيع ألواح الطاقة الشمسية التي وصلتنا كتبرع على المدارس والمساجد والعيادات الطبية ونسعى لإعادة تشغيل وافتتاح تعاونية الحي المسجلة مسبقا قبل الحرب . وفي مجال الأمن لدينا مستنفرين يعملون مع الجهات المختصة في حراسة الحي وخدمة اهله وتم التواصل من قبل الشرطة المجتمعية بشأن تسلمها العمل وتأمين الاحياء .

حاليا المياه وصلت لكل الحي ونخشى أن تكون سببا في هدم البيوت في حال عدم تداركها من السكان وإصلاحها .

وفيما يخص مشكلة الصرف الصحي هي مشكلة كانت موجودة من قبل الحرب نسبة لتوصيل الشبكة ببعض الأماكن مثل أبراج النصر وعفراء وعدد من الداخليات الامر الذي شكل ضغطا عليها خصما على عمرها الافتراضي هذا بجانب المشاكل التي نتجت بتأثير الحرب عليها والآن الجهات المختصة بصدد إجراء مسح ميداني لها وهو بحاجة للكهرباء لتشغيل المحطات ومع عدم وجود ضغط كبير يعمل الصرف حاليا بشكل طبيعي وليس هناك مشاكل فيه
وحاليا لدينا لجنة طبية تشرف على العيادة والادوية في الحي ولدينا لجنة اعلامية تشرف على متابعة العمل الاعلامي وتتواصل مع الجهات ذات الصلة بجانب لجنة مالية تشرف على التبرعات وضوابط صرفها واللجنة الميدانية تعمل على العمل الميداني الإعلامي في قنوات حي العمارات بالواتساب وشباب العمارات فيسبوك وتلغرام وهذه دعوة للجميع لمتابعتها ودعم مشاريعنا . .

ومع هذه الجهود فإن العودة الطوعية لسكان الحي في زيادة حتى الآن وهناك أسر جاء أفراد منها للصيانة بغرض تهيئة المنازل للأسر وعاد بعضهم والبعض الآخر موجودين ونعول كثيرا على توفير الكهرباء وتأثيرها في ازدياد العودة الطوعية ونأمل في أن يتم ذلك قريبا بحول الله وقوته ونستبشر خيرا بعودة عدد من المؤسسات والشركات .

وأشكر كل الجهات التي مدت يد العون خاصة مجلس السيادة وولاية الخرطوم وقد كان لتكوين اللجنة العليا لتهيئة بيئة العودة إلى ولاية الخرطوم دور كبير .

وأؤكد على دور المحليات الأساسي في توفير الخدمات وأهميته في فترة ما بعد الحرب ومع تزايد العودة الطوعية وضرورة تلافي السلبيات والتوزيع العادل للموارد. .

المواطنة ( أ ج م ن ) تقول :

أنا اسكن جنوب الخرطوم والآن أنا عائدة من النزوح عبر عدة مدن في ولايات مختلفة .

قبل الحرب كانت الخدمات متوفرة وكنا نسير حياتنا بصورة طبيعية جدا وكل حسب استطاعته ومقدرته وفي الجانب الأمني كان هناك نوع من الامان الى حد ما جيد .

اما بعد الحرب توقفت جميع الخدمات الأساسية وكنا نعاني في كل شيء ونعاني في توفير كل الاحتياجات من مشرب ومأكل وعلاج وانعدمت وسائل المواصلات وتسلل الخوف والرعب لقلوبنا وملأ حياتنا وازدادت المخاطر وانعدم الامن والأمان مع دوي الأسلحة الخفيفة والثقيلة من حولنا وتساوى في الخوف الصغار والكبار واضطررنا للنزوح حفاظا على الأرواح .

وبعد عامين من استمرار الحرب ومع الانتصارات المتلاحقة للجيش ودخوله منطقتنا قررنا العودة للخرطوم وكانت رحلة العودة تختلف عن رحلتنا الأولى عند النزوح من حيث الإحساس بالأمن والطمأنينة.

والآن نحن بمنطقتنا وفي ديارنا ووجدنا الوضع أفضل بكثير من السابق أمنا واستقرارا وتتوفر الخدمات الاساسية من كهرباء ومياه ويتوفر العلاج حيث عاودت عددا من المستشفيات عملها حاليا بعد أن تمت إعادة تشغيلها ،كما بدات المحلات التجارية تمارس عملها وأصبحت الاحتياجات متوفرة من مأكل ومشرب وغيره وتتوفر المواصلات لجميع الخطوط .

وتتمثل المعاناة في الفترة الماضية في مشكلة انتشار الامراض والأوبئة لكثرة الباعوض والذباب بسبب تلوث البيئة مع تزامن دخول فصل الخريف والامطار عشنا اوقات صعبة لانتشار الاوبئة والحمد لله بفضل الاجراءات الصحية وحملات المكافحة التي تم اتخاذها للحد من الامراض وانتشارها ونظافة المحليات من مخلفات الحرب بدأت الامور ترجع لطبيعتها الا ان الاحتياجات كثيرة ومتعددة. .

 

Seafr Alinsania

(سِفر الإنسانية) ، صحيفة للخير والعطاء دون رياء ، (سِفر الإنسانية) ، آيادي تمتد لتمسح دمعة الحزن علي الوجوه الكالحة ، (سِفر الإنسانية) ، آيادي تربت علي المحزون والموجوع ، (سِفر الإنسانية) ، لوحة ترسم معالم العطاء علي وجه الحياة ،(سِفر الإنسانية) بطاقة دخول لعالم الخير ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى