
في إحدى زوايا مدينة إسطنبول النابضة بالحياة، وبين أزقتها التي تعجّ بالحركة والناس، ظهرت فكرة بسيطة… لكنها كانت تحمل قلبًا كبيرًا.
ذات صباح، توقّف أحد المارة أمام ماكينة غريبة الشكل. لم تكن تبيع القهوة، ولا تذاكر المترو… بل كانت آلة من نوع مختلف تمامًا. كتب عليها:
“أطعم كلبًا… وأعد تدوير زجاجة.”
كانت تلك الماكينة واحدة من مشروع يُعرف باسم “Pugedon”، ابتكرته شركة تركية صغيرة، أرادت أن تصنع فرقًا في عالمٍ يتجاهل كثيرًا من الكائنات التي تشاركنا الشوارع… الكلاب والقطط الضالة.
آلية العمل بسيطة ومُلهمة:
كلما وضع أحدهم زجاجة بلاستيكية فارغة في هذه الآلة، خرجت منها حفنة من طعام الكلاب في وعاء صغير على الأرض. وبجانبها، صنبور صغير يملأ وعاءً آخر بالماء العذب.
والأجمل؟ أن كل هذا يتم بالطاقة الشمسية، دون تكلفة على الدولة، بل إن قيمة الزجاجات المُعاد تدويرها هي التي تموّل الطعام!
مرت سيدة مسنّة بجوار الماكينة، ورأت كلبًا ضالًا يقترب بحذر، ثم يقفز بفرح حين شمّ رائحة الطعام. ابتسمت، وفتحت حقيبتها، وأخرجت زجاجة فارغة كانت تنوي رميها… ثم وضعتها في الآلة، وجلست تراقب الكلب يأكل. لحظة صغيرة، لكنها كانت مليئة بالرحمة والرضا.
هكذا استطاعت المدينة أن تحوّل النفايات إلى رحمة، والزجاجات إلى طعام، واللامبالاة إلى اهتمام.
ليست مجرد آلة، بل رسالة… تقول لكل من يمر بها:
> “بشيء بسيط تفعله، يمكنك أن تصنع فرقًا في حياة مخلوق لا يملك صوتًا يطلب به المساعدة.”
أجمل ما في هذه القصة، أنها تفتح الباب لأملٍ أكبر:
أن تتحوّل المدن إلى أماكن لا تحتضن البشر فقط، بل كل الكائنات التي تشاركنا الحياة.