تقارير إخبارية

تقرير : مع نازحي الجزيرة بمعسكرات (حريرة والبوادرة) بالفاو

تقرير : هاشم عبدالفتاح

 

نازحو شرق الجزيرة يروون قصصهم ..(ومآسيهم) مع الحرب..

 

حكومة الولاية تمارس فضيلة (الإيثار) وتمد يد العون للنازحين ..

مقدمة :

لم تكن قرى ولاية الجزيرة ذات عهد وتجارب بالحروب ولا بالنزاعات العسكرية، لا في تاريخها القريب ولا حتى البعيد ، كما لم تجرب (سعاية الأسلحة) ذات يوم بقدر ما أن هذه القرى كانت تعشق الحياة وفلاحة الأراضي ، وتاوي (بطيب خاطر) ، كل من يأتيها جائعاً أو نازحا أو (مرعوبا) ولكنها لم تكن (يوماً) تتحسب لأي (غادر) ، أو خائن أو عميل أو أن يأتيها طوفان حرب من حيث لا تدري لحرق هذه القرى ويشرد مواطنيها ويغتصب حرائرها وياخذهم (كسبايا) تباع في أسواق (عربان الشتات) في بلاد الساحل الإفريقي .

طوفان المليشيا..!

هكذا كانت بعض الملامح من حرب المليشيا على الشعب السوداني عموماً وعلى مواطني الجزيرة بشكل خاص في قراهم التي لا حول لها ولا قوة .. فأكثر من (٤٠٠) قرية من شرق الجزيرة ، أصبح قاطنيها بين ليلة وضحاها (هائمين) في سهول وفيافي البطانة بلا مآوى حينما داهمها هؤلاء الاوباش وأخرجوا ساكنيها من بيوتهم (قسراً) وظلما ففروا في فزع .. أطفالا ونساءا وشيوخا ومرضى وأصحاب حاجات يبحثون عن (ملاذاً آمنا) .

المئات من الأسر في قرى شرق الجزيرة ..بل ربما الآلاف (يممت) وجهها شمالا تجاه ولايتي نهر النيل والشمالية فطاب لها المقام في (شندي) وما حولها من قرى ومناطق ، وبعض من الأسر آثرت أن تمد المسافة بينها وبين هذه القوات لأقصى مدى من المسافات خوفا من أن يطالها (بطش) هذه المليشيا.وآخرون أيضا من هؤلاء الهاربين من جحيم المليشيا اتجهوا شرقا ناحية منطقة الفاو بولاية القضارف وكسلا.

وفي منطقة الفاو كانت مآسي وأحزان وأوجاع هؤلاء النازحين تتحدث عن نفسها ..بؤس ..وفقر ..وقصص..وحكاوى اجتمعت كلها هنا في مخيمي (حريرة، والبوادرة)..وبات خلف كل أسرة نازحة قصة وحقيقة (وحزن) لكنهم يجتهدون من أجل البقاء على (قيد الحياة) بالحد الأدنى من مطلوبات واحتياجات الحياة .. أسر متكدسة داخل (خيامها) بعضها احتمل هذا التكدس.. وأخرى لم تحتمل فلجأت إلى حيل وابتكارات أخرى بحثا عن مساحات إضافية للمآوى.

قافلة الدعم (والإيثار) ..!

الأسبوع الماضي كنا هناك ضمن وفد إعلامي (رفقة) قافلة حكومة ولاية الجزيرة برئاسة واليها الأستاذ الطاهر إبراهيم محمد خير ولجنتيه الأمنية والإسناد والإعمار بولاية الجزيرة والتي أرادت عبرها حكومة الولاية تخفيف معاناة هؤلاء النازحين بسبب هذه الحرب حيث خصصت لهم حكومة ولاية القضارف وتحديدا السلطات المحلية (بالفاو) هذه المعسكرات للإقامة فيها إلى حين انجلاء الحرب وعودتهم إلى ديارهم ..كانت القافلة تحمل في جوفها بعض إعانات (مقدرة) في الايواء والغذاء والصحة رغم أن الجزيرة فقدت معظم مواردها وتدمرت مؤسساتها وبنياتها التحتية وحرق الاوباش المحاصيل وخربوا مشروع الجزيرة وعطلوا المواسم الزراعية فحدث شلل شبه كامل في الحركة التجارية والإقتصادية بسبب إغلاق الطرق ، فتوقفت ماكينات المصانع نتيجة لشح الوقود وانقطاع الإمداد الكهربائى ، فيبدو أن المليشيا كانت حريصة جداً على هدم كافة البنيات التحتية وتدمير كل مظاهر الحياة بولاية الجزيرة.

وبالرغم من أن الحاجة للمساعدات الإنسانية لهؤلاء النازحين كانت أكبر لكنها في واقع الحال احيت الامآل وبثت روحا من التفاؤل بان هناك من لازال يشعر ويتحسس أوجاع وأشواق الناس .

واثنى وإلي الجزيرة على جهود الخيرين ولجنة الأعمار والإسناد بقيادة الشيخ عبد المنعم ابوضريرة والأخوة في ديوان الزكاة والعون الإنساني كما امتدح قافلة الهلال الأحمر السوداني التي قدمت من بورتسودان إلى معسكرات نازحي ولاية الجزيرة بالفاو وقال إنهم يطمعون في المزيد وقال الأستاذ سمير عثمان المدير التنفيذى لجمعية الهلال الأحمر السوداني بولاية الجزيرة أن القافلة بتوجيه من الأمانة العامة للهلال الأحمر السوداني وتقدم القافلة الدعم لعدد ٩ ألف و٥٠٠ نازح ووعد بمزيد من الدعم للنازحين في الفترة القادمة .
أنهم ينتظرون..!

وحاولنا عبر هذا الجولة أن نرصد احوال ومطالب واحتياجات هؤلاء النازحين داخل معسكر حريرة حيث كانت مظاهر هؤلاء النازحين تتحدث عما تحتاجه بوضوح وبشكل عاجل من غذاء ومعينات إيواء واحتياجات صحية وعلاجية وقد ظهر ذلك جلياً من خلال التدافع تجاه الوفد الحكومي الزائر ،وشاهدنا كذلك تناكر المياه تصطف خلقها إعداد ضخمة من الباقات والأواني المختلفة تنتظر حظها (ونصيبها) من المياه .

وهناك وداخل خيمة طرفية (طفل رضيع على فراش ارضي يداعبه ويلاعبه شقيقه صاحب الأربع أو الخمس سنوات ، وهم هنا ، لا يحق لهم أن يحلموا بحضانة أو (روضة أطفال) ، ولكنهم ينتظرون فقط أن تعود إليهم (أمهم) من صفوف الإنتظار بجرعة ماء أو قطعة خبز ..

(عصيدة) وملاحا في الريف ..!

وعلى مقربة من تلك الخيمة كانت هناك فتاة يبدو أنها في العقد الثاني من عمرها تقوم بعملية تجهيز (عصيدة) على نار حطب وتنتظر أن يأتيها (الملاح) من تكية الركابية داخل المعسكر لإفطار اسرتها .

كما أن هناك امرأة متقدمة في السن يبدو أنها وصلت حديثاً إلى معسكر (البوادرة) في رحلة نزوح وعذاب امتدت لأكثر من (١٤) يوماً منذ أن أخرجت (قسراً ) من قريتها بشرق الجزيرة، رأيناها وهى تترجل من ظهر (كارو حمار) ، تتوكأ على عكازتها مسنودة ببعض من احفادها بعد أن حصدت حرب المليشيا بشرق الجزيرة آباء وأمهات هؤلاء الأطفال فباتو ا (يتامى) وبلا مأوى ، ينتظرون نصيبهم من (قافلة الوالي) .

كانت هذه المرأة الممكونة (والمفجوعة) تتحدث إلى وإلي الجزيرة بحزن عميق..تحكي قصتها ومأساتها وما واجهته من ويلات هذه الحرب كانت تتحدث ودموعها تسبق كلماتها عن مسيرة النزوح والبحث عن مأوى .

أنها الحرب يا أطفال بلادي فقد احالت كل ما هو طبيعي إلى أوضاع إستثنائية ، لكن يبدو أن القائمين هنا على أمر معسكر حريرة من سلطات محلية ومتطوعين وشيوخ طرق صوفية ، يبذلون جهوداً مضاعفة لتحسين الأوضاع ، حيث كان لرجال الصوفية وبالأخص الركابية والصادقاب (تكية) داخل معسكر حريرة تقدم الطعام لهؤلاء النازحين الأمر الذي استحسنته حكومة ولاية الجزيرة واشادت به .

النازحون.. يعرضون مطالبهم..!

وفي داخل معسكر البوادرة استمع الوالي ولجنة أمنه ولجنة الإسناد والإعمار بولاية الجزيرة إلى المطالب العاجلة للنازحين بالمعسكر والمتمثلة في مزيد من الخيام والمشمعات والأغطية خاصةً أن الشتاء على الأبواب فالاطفال يحتاجون وبشدة لمثل هذه الاحتياجات ، إلا أن المسوؤل عن إدارة المعسكرات الأستاذ دفع الله محمد أكد أن محلية الفاو وعلى مستوى قرأها استوعبت كل هذه الأعداد على مدى أكثر من ستة شهور في المدارس والاحياء والمعسكرات ولازالت اعداد الوافدين مستمرة سلم السيد وإلي الجزيرة قائمة بمطالبهم الضرورية والعاجلة وأشار إلى أن في معسكر حريرة لديهم أكثر من (٥٦٨) أسرة المتوفر من الخيام فقط (٢٠) خيمة وفي معسكر البوادرة لدينا (٨١٠) أسرة ،المتوفر من الخيام فقط (٢٥٠)خيمة ، ولدينا مقترح لمركز إيواء شراب غرب مدينة الفاو بعدد (١٠٠٠) أسرة ، وتحتاج كذلك هذه المعسكرات إلى عدد (٧١٦٤) بطانية ، المتوفر فقط (٦٦) بطانية ونحتاج أيضا إلى عدد ثلاثة مولدات (مولد) لكل معسكر ،اما المراحيض فنحتاج إلى عدد (٣٩٦) مرحاض واستطعنا تجهيز فقط (٣٢) مرحاض ولذلك النقص كبير ،كما لا توجد حمامات في داخل هذه المعسكرات ، فلا أحد هنا داخل هذه المعسكرات الثلاثة استطاع أن (يستحم)بحسب تأكيدات هذا المسوؤل .

أما بالنسبة لمياه الشرب نحتاج إلى (٣٨٤) برميل في اليوم لنازحي معسكر حريرة ، والبوادرة (٣٦٨) برميل في اليوم ، وفي المعسكر المقترح نحتاج إلى (١٣٥) برميل يوميا والجملة (٨٨٧) برميل يومياً لهذه المعسكرات الثلاثة ، أما في جانب التدخلات فهناك ثلاثة منظمات تعمل في مجال الصحة بهذه المعسكرات وهى (اليونسيف، وكافة ، وأطباء بلا حدود) ،وقال أن هناك (٢٠٢) حالة كوليرا وصلتنا من الجزيرة تمت معالجتها جميعها في عنبر العزل داخل هذه المعسكرات إلا أن الوضع يحتاج لدعم في العلاج لكل الأمراض خاصةً المحاليل الوريدية والمضادات الحيوية .
الوالي ..يبشر ويتعهد..!

وقد تعهد السيد وإلي الجزيرة بالعمل على معالجة هذه القضايا والاستجابة للمطالب العاجلة بالتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص ، مشيراً إلى أن هذه الزيارة لتفقد أوضاع هؤلاء المواطنين الذين اخرجتهم هذه الحرب من ديارهم والعمل على حلحلة مشاكلهم وتلبية مطالبهم وقال إن الأيام المقبلة سوف تصل الكثير من الأشياء التي تحتاجها هذه المعسكرات ، وشكر الوالي حكومة ولاية القضارف لوقفتها الإنسانية مع مواطني ولاية الجزيرة الذين نزحوا واستوطنوا في الفاو وفي المناطق والقرى الأخرى ، واضاف: إنشاء الله نجازيكم في السمح .

Seafr Alinsania

(سِفر الإنسانية) ، صحيفة للخير والعطاء دون رياء ، (سِفر الإنسانية) ، آيادي تمتد لتمسح دمعة الحزن علي الوجوه الكالحة ، (سِفر الإنسانية) ، آيادي تربت علي المحزون والموجوع ، (سِفر الإنسانية) ، لوحة ترسم معالم العطاء علي وجه الحياة ،(سِفر الإنسانية) بطاقة دخول لعالم الخير ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى