معلم كيني يتبرع ب80% من راتبه، وجائزة بقيمة مليون دولار لأجل تعليم أبناء قريته.
وكالات : قصاصات طوعية

في أعماق الريف الكيني، كان هناك رجل يحمل قلبًا أعظم من أي ثروة… اسمه بيتر تابيشي.
معلم بسيط، يرتدي زيًّا متواضعًا ويعيش حياة زهد حقيقية. يعمل معلمًا لمادة العلوم في مدرسة ثانوية حكومية تُدعى “كيريكو“، بقرية نائية تعاني من كل شيء: نقص في الكهرباء، لا معامل، لا مكتبات، وفصول مكتظة تضم طلابًا بعضهم يسير أكثر من 6 كيلومترات يوميًا للوصول إلى المدرسة… حُفاة.
لكن وسط هذا اليأس، كان بيتر يرى شيئًا مختلفًا. كان يرى أملًا. كان يرى “عباقرة لم يُكتشفوا بعد“، فقرّر أن يصبح الجسر الذي يعبرون عليه إلى مستقبل أفضل.
تبرّع بـ80٪ من راتبه البسيط شهريًا، ليس لرفاهية أو راحة، بل لشراء الزي المدرسي لمن لا يملكونه، ولإطعام الجائعين من طلابه، ولتوفير حتى ثمن الحافلة لمن لا يقدرون على دفع الأجرة. لم يكن فقط يعلّمهم الفيزياء والكيمياء، بل علّمهم الكرامة، والثقة بالنفس، والحلم.
ورغم ضعف الإمكانيات، بدأ يدربهم على مشاريع علمية مبتكرة، مستخدمًا أدوات محلية بدائية. كان يعمل معهم ليلًا بعد انتهاء الحصص، في فصول بلا إنارة، وعلى طاولات مهترئة.
ومع كل هذا، جاء الحصاد المعجزة…
في عام 2018، فاز طلابه بجائزة كبرى في معرض العلوم والتكنولوجيا في كينيا، ثم تأهلوا لتمثيل بلدهم في مسابقة علمية دولية في أمريكا! نعم، طلاب مدرسة ريفية بلا مختبر، تفوقوا على مدارس خاصة من نيروبي والعالم.
وفي عام 2019، هزّ اسم “Peter Tabichi” العالم حين فاز بجائزة أفضل معلم في العالم (Global Teacher Prize)، متفوقًا على آلاف المعلمين من أكثر من 170 دولة. جائزة قيمتها مليون دولار.
لكن بيتر لم يحتفل كغيره. لم يشترِ سيارة، ولم ينتقل إلى بيت فخم… بل وقف على المسرح، بعينين تلمعان بدموع التواضع، وأعلن أن الجائزة ليست له، بل لكل طفل أفريقي فقير يحمل حلمًا. وبالفعل، بيتر لم يحتفظ بالجائزة لنفسه، بل أعلن أنه سيستخدمها لمواصلة دعم التعليم في قريته وأماكن أخرى في أفريقيا.
وقال عبارته التي لا تُنسى:
“العلم هو الجسر الذي نعبر به من المعاناة إلى الأمل… وأنا مجرد خادم لهذا الجسر.”
قصة بيتر تابيشي ليست مجرد قصة معلم، بل هي شهادة على قدرة إنسان بسيط على إشعال نور في قرية بأكملها، وعلى أن أعظم الأعمال تبدأ من قلوب صغيرة… لكنها مشتعلة بالمحبة